الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
تنبيه: قال ابن عربي: من خصائص المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أنه بعث من قوم لا همّ لهم إلا قرى الضيف ونحر الجزور والحروب الدائمة وسفك الدماء وبهذا يتمدحون وبه يمدحون ولا خفاء عند كل أحد بفضل العرب على العجم بالكرم والسماحة والوفاء وإن كان في العجم كرماء وشجعان لكن في آحاد كما أن في العرب جبناء وبخلاء لكن في آحاد وإنما الكلام في الغالب وهذا لا ينكره أحد. - (الحاكم في) كتاب (الكنى) والألقاب (وابن عساكر) في التاريخ (عن عائشة) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأقدم ولا أحق بالعزو منهما وهو ذهول فقد خرجه الإمام أحمد في المناقب وآخرون كالطبراني والبيهقي والديلمي وابن لال والمحاملي وغيرهم وكان ينبغي للمصنف البداءة بالعزو لأحمد كعادته قال ابن حجر في أماليه: لوائح الصحة ظاهرة على صفحات هذا المتن. 6075 - (قال لي جبريل من مات من أمتك لا يشرك باللّه شيئاً دخل الجنة قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن) أي وإن زنى وإن سرق ومات مصراً على ذلك ولم يتب فهو تحت المشيئة إن شاء عذبه اللّه ثم أدخله الجنة وإن شاء عفى عنه ابتداء فلم يدخله النار وفيه رد على المعتزلة الزاعمين أن صاحب الكبيرة إذا مات بغير توبة يخلد في النار. - (خ عن أبي ذر) الغفاري. 6076 - (قال لي جبريل ليبك الإسلام) أي أهله (على موت عمر) بن الخطاب فإنه قفل الفتنة كما ورد ومن موته نشأت الحروب بين المسلمين وكان ما كان. - (طب) وكذا الديلمي (عن أبيِّ) بن كعب قال الهيثمي: فيه حبيب كاتب مالك وهو متروك كذاب وقال شيخه الحافظ العراقي: روياه عن الآجري في كتاب الشريعة عن أبيِّ بسند ضعيف جداً وأورده ابن الجوزي في الموضوع. 6077 - (قال لي جبريل يا محمد عش ما شئت فإنك ميت) قال بعضهم: هذا وعظ وزجر وتهديد والمعنى فليتأهب من غايته للموت بالاستعداد لما بعده ومن هو راحل عن الدنيا كيف يطمئن إليها فيخرب آخرته التي هو قادم عليها وقال ابن الحاجب: هذا تسمية للشيء بعاقبته نحو لدوا للموت وابنوا للخراب (وأحبب من شئت فإنك مفارقه) أي تأمل من تصاحب من الإخوان عالماً بـأنه لا بد من مفارقته فلا تسكن إليه بقلبك ولا تطعه فيما يعصي ربك فإنه لا بد من فرقة الأخلاء كلهم إلى يوم قيل فيه يافرقة الأحباب لا بد لي منك * ويا دار دنيا إنني راحل عنك ويا قصر الأيام مالي وللمنى [ص 501] * ويا سكرت الموت ما لي وللضحك وما لي لا أبكي لنفسي بعبرة * إذا كنت لا أبكي لنفسي فمن يبك ألا أي حي ليس للموت موقناً * وأي يقين منه أشبه بالشك فائدة: قال ابن السمعاني: سمعت إمام الحرمين يقول كنت بمكة فرأيت شيخاً من أهل المغرب يطوف ويقول: تمتع بالرقاد على شمال * فسوف يطول نومك باليمين ومتع من يحبك من تلاق * فأنت من الفراق على يقين - (الطيالسي) أبو داود في مسنده (هب) من طريق أبي داود المذكور قال عن الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير (عن جابر) بن عبد اللّه ثم قال البيهقي: وروى ذلك من حديث أهل البيت أيضاً والحسن بن أبي جعفر وهو الجعفي قال الذهبي: ضعفوه وأبو الزبير مر ضعفه غير مرة وأورده ابن الجوزي من عدة طرق ثم حكم عليه بالوضع. 6078 - (قال لي جبريل قد حببت) بالبناء للمفعول أي حبب اللّه (إليك الصلاة) أي فعلها (فخذ منها ما شئت) فإن فيها قرّة عينك وجلاء همك وتفريج كربك. - (حم عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه علي بن يزيد وفيه كلام وبقية رجاله رجال الصحيح ومن ثم رمز المصنف لحسنه. 6079 - (قال لي جبريل راجع حفصة) بنت عمر بن الخطاب وكان طلقها طلقة رجعية (فإنها صوّامة قوّامة) بالتشديد أي دائمة القيام للصلاة (وأنها زوجتك في الجنة) سبب طلاقها كما رواه الطبراني أنها دخلت عليه في بيتها وهو يطأ مارية فقال: لا تخبري عائشة حتى أبشرك ببشارة وهو أن أباك يلي الأمر من بعد أبي بكر إذا أنا مت فأخبرت عائشة فطلقها. وعند ابن سعد عن شعبة مولى ابن عباس خرجت حفصة من بيتها يوم عائشة فدخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بجاريته القبطية ببيت حفصة فجاءت فدقت الباب فخرج ووجهه يقطر فقالت: أما إني رأيت ما صنعت قال: فاكتمي عليّ وهي حرام فانطلقت حفصة إلى عائشة فأخبرتها فقالت له: أما يومي فتفرس فيه بالقبطية وتسلم لنسائك سائر أيامهن فطلق حفصة. - (ك) وكذا ابن سعد والدارمي (عن أنس) بن مالك ولابن سعد مثله عن ابن عباس عن عمر قال ابن حجر في الفتح: وإسناده حسن (وعن قيس بن زيد) الجهني ورواه عنه البزار وغيره قال ابن حجر: وقيس مختلف في صحبته. 6080 - (قال موسى بن عمران يا رب من أعز عبادك عندك قال من إذا قدر غفر) أي عفا وسامح فالعفو لا يزيد العبد إلا عزاً ورفعة والعافي أجره على اللّه تعالى حقاً كما قال في الحديث المار إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش ليقم من على اللّه أجره فلا يقوم إلا من عفى عن ذنب أخيه. - (هب عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضاً الديلمي لكن بيض ولده لسنده. 6081 - (قال موسى) بن عمران (يا رب كيف شكرك آدم فقال علم أن ذلك مني فكان ذلك شكره) أي كان بمجرد هذه المعرفة شاكراً فإذن لا شكر إلا بأن تعترف بأن الكل منه وإليه وليس لغيره سوى مجرد مظهرية لما بين يديه [ص 502] فإن خالطك ريب في هذا لم تكن عارفاً لا بالنعمة ولا بالمنعم فهذا أصل أصيل إليه المرجع وعليه التعويل ذكره الغزالي قال: وإنما يكون العبد شاكراً إذا كان لشروط الشكر جامعاً ومنها أن يكون فرحه بالمنعم لا بالنعمة ولا بالإنعام ولعل هذا مما يتعذر عليك فهمه فتمثله فتقول الملك الذي يريد السفر فأنعم على رجل بفرس يتصور أن يفرح به من حيث كونه مال ينتفع به وهذا فرح بالفرس فقط ومن حيث إنه يستدل به على غاية عناية الملك به لا من حيث كونه فرساً فالأول لا يدخل فيه معنى الشكر لأن فرحه بالفرس لا بالمعطي والثاني داخل في معنى الشكر من حيث كونه فرحاً بالمنعم لا بالنعمة وقد أبان هذا الخبر عن استحالة الشكر شكر وأن من لم يشكر فقد شكر ومن نظر بعين التوحيد المحض عرف أنه الشاكر وأنه المشكور وأنه المحب وأنه المحبوب وهذا نظر من عرف أنه ليس في الوجود غيره وأن كل شيء هالك إلا وجهه لأن الغير هو الذي يتصور أن يكون له بنفسه قوام وهذا محال أن يوجد إذ الوجود المحقق هو القائم بنفسه وليس له بنفسه قوام فليس له بنفسه وجود بل هو قائم بغيره فهو موجود بغيره فإن اعتبر من حيث ذاته لم يكن له وجود البتة وإنما الموجود هو القائم بنفسه ومن كان مع قيامه بنفسه يقوم بوجوده وجود غيره فهو قيوم ولا يتصور أن يكون القيوم إلا واحداً فليس في الوجود إلا الحي القيوم الواحد فالكل منه مصدره وإليه مرجعه ويعبر الصوفية عن هذا بفناء النفس أي فنى عن نفسه وعن غير اللّه فلا يرى إلا اللّه فمن لا يفهم هذا ينكر عليهم ويسخر منهم فيسخرون منه، هذا كله كلام الغزالي. - (الحكيم) الترمذي (عن الحسن) البصري (مرسلاً). 6082 - (قال موسى لربه عز وجل ما جزاء من عزى الثكلى) أي من فقدت ولدها (قال أظله في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي) وإذا كان هذا جزاء المعزى فما جزاء المصاب لكن عظم الجزاء مشروط بعدم الجزع كما يقع من الجهلة من ضرب خد وشق ثوب ونشر شعر وتغيير زيّ وغير ذلك أما شدة الحزن العاري عن ذلك فغير مذموم وإن تطاول بدليل قصة يعقوب عليه السلام. - (ابن السني في عمل يوم وليلة عن أبي بكر) الصديق (وعمران) بن حصين ورواه عنه الديلمي وغيره أيضاً. 6083 - (قال داود) النبي (يا زارع السيئات أنت تحصد شوكها وحسكها) يعني أن الدنيا مزرعة الآخرة والقلب كالأرض والإيمان كالبذر فيه والطاعات جارية مجرى تقليب الأرض وتطهيرها مجرى حفر الأنهار وسياقة الماء إليها والقلب المستهتر بالدنيا المستغرق فيها كالأرض السبخة التي لا ينمو فيها البذر ويوم القيامة يوم الحصاد ولا يحصد أحد إلا ما زرع وقال الحكماء: كل يحصد ما يزرع ويجزى بما يصنع وزرع يومك حصاد غدك وقال الراغب: الإنسان في دنياه حارث وعمله حرثه ودنياه محرثته ووقت الموت وقت حصاده والآخرة بيدره ولا يحصد إلا ما زرعه ولا يكيل إلا ما حصده وكما أن في الدنيا مكاييل وموازين وأمناء وحفاظاً وكتاباً ففي الآخرة مثل ذلك. - (ابن عساكر) في التاريخ (عن أبي الدرداء). 6084 - (قال داود إدخالك يدك في فم التنين) ضرب من الحيات كالنخلة السحوق (إلى أن يبلغ المرفق فيقضمها) أي [ص 503] يعضها (خير لك من أن تسأل من لم يكن له شيء ثم كان) أي من كان معدماً فصار غنياً وليس هو من بيت شرف ولا مجد. أوحى اللّه إلى موسى لأن تدخل يدك إلى منكبيك في فم التنين خير من أن ترفعها إلى ذي نعمة قد عالج الفقر، خرجه السلفي عن الثوري. - (ابن عساكر) في التاريخ (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضاً باللفظ المزبور أبو نعيم والديلمي فاقتصار المصنف على ابن عساكر غير سديد. 6085 - (قال سليمان بن داود لأطوفن) في رواية لأطيفن قال عياض: وهما لغتان فصيحتان واللام موطئة للقسم أي واللّه لأدورن (الليلة) أي في الليلة (على مئة امرأة) فكنى بالطواف عن الجماع وفي رواية سبعين وتسعين وغيرهما وجمع بأن البعض سراري والبعض حرائر على أن القليل لا ينفي الكثير بل مفهوم العدد غير حجة عند الأكثر وقوله الليلة يحتمل أن الليل في ذلك الزمان كان طويلاً جداً بحيث يتأتى له فيه جماع مئة امرأة مع تهجده ونومه ويحتمل أنه تعالى خرق له العادة فيجامع ويتطهر وينام ثم هكذا ثم هكذا والليل في الطول على ما هو عليه الآن كما خرق اللّه العادة لأبيه داود عليهما السلام في قراءة الزبور بحيث كان يقرأه بقدر ما تسرج له دابته وهذا يوجد الآن في الأولياء كثيراً وفيه ما رزقه سليمان من القوة على الجماع وأنها في الرجال فضيلة وهي تدل على صحة الذكورية وكمال الإنسانية قال القرطبي: أعطى الأنبياء صحة النبوة وقوة الفحولية مع ما كانوا عليه من الجهد والمجاهدة حتى أن نبينا مات ولم يشبع من خبز الشعير وجاء عن سليمان أنه كان يفترش المئة امرأة وكان يأكل خبز الرماد ومن هذا حاله فالعادة ضعفه عن الجماع لكن العوائد خرقت لهم ولا يلزم مما تقرر تفضيل سليمان على محمد عليهما الصلاة والسلام لكونه لم يعط إلا قوة أربعين رجلاً ولم يكن له غير عشرة نسوة ما ذاك إلا لأن سليمان تمنى أن يكون له ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأعطي الملك وأعطي هذه القوة في الجماع ليتم له الملك على خرق العادة من كل الجهات لأن الملوك يتخذون من الحرائر والسراري بقدر ما أحل لهم ويستطيعونه فأعطي سليمان تلك الخصوصية ليتميز بها عنهم فكان نساؤه من جنس ملكه الذي لا ينبغي لأحد من بعده ونبينا خير أن يكون نبياً ملكاً أو نبياً عبداً فاختار الثاني فأعطي ذلك القدر لرضاه بالفقر والعبودية فأعطي الزائد لخرق العادة (كلهن يأتي بفارس) أي تلد ولداً ويصير فارساً (يجاهد في سبيل اللّه) قاله تمنياً للخير وجزم لغلبة الرجاء عليه دلالة على أنه إنما تمناه للّه تعالى لا لحظ نفسه، ولا تظن به أنه قطع بذلك على اللّه أنه يفعل به بل هو قوة ورجاء من فضله حمله عليه حبه للخير (فقال له صاحبه) قرينه وبطانته أو الملك الذي يأتيه أو وزيره من الإنس أو خاطره وفي رواية الملك (قل إن شاء اللّه) ذلك (فلم يقل إن شاء اللّه) أي بلسانه لنسيان عرض له، فعلة الترك النسيان لا الإباء عن التفويض إلى الرحمن فصرفه عن الاستثناء القدر السابق أن لا يكون ما تمنى وفيه تقديم وتأخير أي لم يقل إن شاء اللّه فقال صاحبه قل، ذكره عياض، فدل ذلك على أن أمور الغيب لا يجوز القطع عليها في نجح ما يرجى منها إلا مع الاستثناء (فطاف عليهن) جامعهن جميعاً (فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق إنسان) قيل هو الجسد الذي ألقي على كرسيه وقال بعض المتكلمين: نبه به على أن التمني وشؤم الاعتراض على التسليم والتفويض سلبه الاستثناء وأنساه إياه ليتم فيه قدره السابق (والذي) في رواية أما والذي (نفس محمد بيده) بقدرته وتدبيره (لو قال إن شاء اللّه لم يخنث) فلو قال إن شاء اللّه لحصل مراده (وكان دركاً) بفتح الراء اسم من الإدراك أي لحاقاً (لحاجته) يعني كان يحصل له ما يتمنى ولا يلزم من [ص 504] إخباره بذلك في حق سليمان وقوعه لكل من استثنى في أمنيته وهذه منقبة عظيمة لسليمان حيث كان همه الأعظم إعلاء كلمة اللّه حيث عزم أن يرسل أولاده الذين هم أكباده إلى الجهاد المؤدي إلى الموت وفيه جواز ذكر النساء وذكر الطواف عليهم بين الأصدقاء لأن في الإخبار لهم بذلك تنبيهاً على المبادرة بمثله وجواز ذكر أفعال الدنيا إذا ترتب عليه طاعة وعدم ربط الأشياء بالعوائد فيقول لا يكون كذا إلا من كذا ولا يتولد كذا إلا من كذا وأن المباح ينقلب طاعة بالنية ثم إن قيل طلب العلم أفضل من الجهاد لخبر فيه فكان الأولى لسليمان أن ينوي بهم أن يكونوا علماء قلنا العلماء جعلوا لتقرير الأحكام والفرسان لنصرة الدين فطلب سليمان ما هو المثبت للأصل مع أنه لا ينافي أن يكون الفارس عالماً فإن قيل أيضاً فلم لم تحمل منهن إلا واحدة ولم لم يمنع الحمل من الكل ولم كان الواحد لا يكون أنثى أو يكون رجلاً كاملاً فالجواب إنا إن قلنا إن ذلك إرادة إلهية لا مجال للعقل فيها فظاهر وإن نظرنا إلى كرامة الرسل على اللّه عزّ وجلّ بأن لنا من حكمة الحكيم وهو أنه لو لم يحمل منهن أحد لتشوش سليمان وخشي أن يكون قد رفعت عنه العصمة فلم تقبل نيته للخير ولو جاءت به أنثى كان ضد ما عزم عليه وذلك يدلّ على عدم القبول وكونه لم يكن تامّ الخلق من أجل ما نقص من الأسباب المبلغة لمراده وهو قوله إن شاء اللّه. - (حم ق ن عن أبي هريرة). 6086 - (قال يحيى بن زكريا لعيسى ابن مريم أنت روح اللّه) أي مبتدأ منه لأنه خلق روحه ابتداء بلا واسطة أصل وسبق مادة أو لأنه تعالى أحيي به الأموات كما أحيي بالأرواح الأبدان (وكلمته) الذي كان وجوده بلا أب لقوله "كن" بعد تعلق الإرادة بغير واسطة نطفة أو لأنه لما تكلم بغير أوانه لفرط غرابة ونهاية بلاغة بكلام مستغرب هو قوله: (فوائد) أخرج ابن عساكر أن عيسى لما بلغ سبع سنين أسلمت أمه للكتاب فكان المعلم لا يعلمه شيئاً إلا بدره به فعلمه أبجد فقال: ما أبجد فقال: لا أدري قال: فكيف تعلمني ما لا تعلم ولا تدري فقال: إذاً فعلمني فقال: الألف آلاء اللّه والباء بهاء اللّه والجيم جمال اللّه والدال دوام اللّه فعجب المعلم وأخرج عن يعلى بن شداد مرفوعاً ليخرجن اللّه بشفاعة عيسى من جهنم مثل أهل الجنة. - (ابن عساكر) في التاريخ (عن الحسن) البصري (مرسلاً). 6087 - (قال رجل لا يغفر اللّه لفلان) أي العامل للمعاصي (فأوحى اللّه تعالى إلى نبيّ من الأنبياء إنها) أي الكلمة التي قالها (خطيئة فليستقبل العمل) أي يستأنف عمله للطاعات فإنها حبطت بتأليه على اللّه وهذا خرج مخرج الزجر والتنفير لا الحقيقة. - (طب عن جندب) بن جنادة. [ص 505] 6088 - (قالت أمّ سليمان بن داود لسليمان) وكانت من العابدات الصالحات قال ابن عساكر: وكان سليمان وضيئاً أبيض جسيماً يلبس البياض (يا بني لا تكثر النوم بالليل) الذي هو محل المناجاة ووقت المصافاة (فإن كثرة النوم بالليل) عن التهجد ونحوه (تترك الإنسان فقيراً يوم القيامة) لقلة عمله وفي إكثاره طول الغفلة وبله العقل ونقص الفطنة وسهو القلب ومن آفاته أنه يميت القلب عن تعاطي أسباب الدنيا وأحوالها مما لا بدّ للإنسان منه وربما استحكم في الإنسان كثرته حتى يصير حكمه مخالفاً لحكم نوم الطبيعة المجعول راحة للجسد فيفسد صحة مزاجه الأصلي ومن مفاسده أنه يضعف نفسه الروحانية لكثرة ارتباطها بعالم الخيال وتخليها عن جسدها المأمورة بمساعدته على مصائب الدنيا سيما إن كان الجسد مظلماً كثيفاً بالأعمال الخارجة عن السنة والطبيعة الكلية فإنه يتركب من ذلك الارتباط ضعف الاعتقاد وفساد القوة الخيالية المصورة للأشياء في مرآة العقل فيصير لا يشهد أمراً إلا مقيداً مرتبطاً منعقداً حتى ربما اختلط حاله على نفسه وربما التحق في الحكم بالحيوانات البهم البعيدة عن الإدراك وأنشد بعضهم يقول: بقدر الكد تعطى ما تروم * ومن طلب العلا ليلا يقوم وبعضهم: بقدر الكد تكتسب المعالي * ومن طلب العلا سهر الليالي تروم العزّ ثم تنام ليلاً * يغوص في البحر من طلب اللآلى - (ن ه هب عن جابر) قضية صنيع المصنف أن النسائي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل عقبه بقوله: فيه يوسف بن محمد بن المنكدر متروك وسنيد بن داود لم يكن بذاك وفيه أيضاً موسى بن عيسى الطرسوسي أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن عدي ممن يسرق الحديث وأورده ابن الجوزي في الموضوعات فلم يصب. 6089 - (قبضات التمر للمساكين) أي الفقراء زاد ابن عدي في روايته وفلق الخبز (مهور الحور العين) يعني أن التصدق بقليل من التمر إذا تقبله اللّه أعد للمتصدق به في الجنان عدداً من الحور العين وكذا الصلاة المقبولة قال الغزالي: عن أزهر بن مغيث رأيت في النوم امرأة لا تشبه نساء الدنيا قلت من أنت قالت من الحور قلت زوجيني نفسك قالت اخطبني من سيدي وامهرني قلت ما مهرك قالت طول التهجد. - (قط في الأفراد) عن أحمد بن إسحاق بن البهلول عن أبيه عن جده عن طلحة بن زيد عن الوضين بن عطاء عن القاسم (عن أبي أمامة) الباهلي قال ابن الجوزي: موضوع تفرد به طلحة وهو متروك عن الوضين وهو واهي الحديث اهـ وأقره عليه المؤلف في مختصر الموضوعات ورواه ابن عدي عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ مهور الحور العين قبضات التمر وفلق الخبز وقال ابن الجوزي: موضوع فيه عمر بن صبح يضع الأحاديث. 6090 - (قبلة المسلم أخاه) في الدين هي (المصافحة) أي هي بمنزلة القبلة وقائمة مقامها فهي مشروعة والقبلة غير مشروعة له. - (المحاملي في أماليه فر) وكذا الخرائطي وابن عدي وابن شاهين كلهم عن (أنس) بن مالك وفيه عمر بن عبد الجبار قال في الميزان: عن ابن عدي وروى عن عمه مناكير وأحاديثه غير محفوظة ثم ساق له عدة أخبار هذا منها. 6091 - (قتال المسلم أخاه) في الدين وإن لم يكن من النسب (كفر) أي يشبه الكفر من حيث إنه من شأن الكفار فأطلق عليه الكفر لشبهه به أو أراد الكفر اللغوي وهو التغطية لأن حق المسلم على المسلم أن يعينه وينصره ويكف عنه أذاه [ص 506] فلما قاتله صار كأنه غطى حقه وأطلق عليه الكفر مبالغة في التهديد معتمداً على ما تقرر من القواعد أن ذلك يخرج عن الملة (وسبابه) بكسر السين وتخفيف الموحدة أي سبه له قال الحرالي: السباب أشد من السب وهو أن يقول فيه ما فيه وما ليس فيه (فسوق) أي خروج عن طاعة اللّه ورسوله والفسوق في عرف الشرع أشد من العصيان قال تعالى - (ت عن ابن مسعود ن عن سعد) بن أبي وقاص ورواه عنه أيضاً الديلمي وغيره. 6092 - (قتال المسلم كفر) أي إن استحل قتاله (وسبابه فسوق) أي مسقط العدالة (ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام) بغير عذر شرعي. - (حم ع طب والضياء عن سعد). 6092 - (قتال المسلم) وفي رواية بدله المؤمن (كفر وسبابه فسوق) أي فسوق وفيه رد على المرجئة الزاعمين أنه لا يضر مع الإيمان ذنب ولا تمسك فيه للخوارج الذين يكفرون بالمعاصي لأن ظاهره غير مراد كما تقرر لكن لما كان القتال أشد من السباب لإفضائه إلى إزهاق الروح عبر عنه بلفظ أشد من لفظ الفسق وهو الكفر غير مريد حقيقته التي هي الخروج عن الملة وهذا كله محمول على من فعله بغير تأويل وقيل أراد بقوله كفرانه قد يؤول بصاحبه إليه وهو بعيد وأبعد منه حمله على المستحلّ إذ لو أريد لم يحسن التفريق بين السباب والقتال فإن مستحل سب المؤمن بغير تأويل يكفر أيضاً (ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام) بغير عذر شرعي. - (حم طب والضياء عن سعد). 6093 - (قتل الرجل صبراً) بأن أمسك فقتل في غير معركة بغير حق (كفارة لما) وقع (قبله من الذنوب) جميعاً حتى الكبائر على ما اقتضاه إطلاق هذا الخبر وفي حديث آخر ما ترك القاتل على المقتول من ذنب. - (البزار) في مسنده (عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وهو وهم فقد أعله الهيثمي بأن فيه صالح بن موسى بن طلحة وهو متروك. 6094 - (قتل الصبر لا يمر بذنب إلا محاه) ظاهره وإن كان المقتول عاصياً ومات بلا توبة ففي عمومه ردّ على الخوارج الذين يكفرون بالذنوب وعلى المعتزلة الموجبين تعذيب الفاسق إذا مات بلا توبة. - (البزار) في مسنده (عن عائشة) وقال: لا نعلمه يروى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم إلا من هذا الوجه قال الهيثمي: ورجاله ثقات. 6095 - (قتل المؤمن) أي بغير حق (أعظم عند اللّه من زوال الدنيا) ومن ثم ذهب بعض السلف إلى عدم قبول توبته تمسكاً بهذا الخبر ونحوه كخبر الشيخين لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ففيه إشعار بالوعيد على قتل المؤمن متعمداً بما يتوعد به الكافر وثبت عن ابن عمر أنه قال لمن قتل عاملاً بغير حق تزود من الماء البارد فإنك لا تدخل الجنة والجمهور على أن القاتل أمره إلى اللّه إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه وهذا الحديث رواه الترمذي أيضاً عن ابن عمر بلفظ زوال الدنيا عند اللّه أهون من قتل رجل مسلم قال ابن العربي: ثبت النهي عن قتل البهيمة بغير حق والوعيد في ذلك فكيف بقتل الآدمي فكيف بالمسلم فكيف بالصالح. - (ن والضياء) المقدسي (عن بريدة) بن الحصيب ورواه الطبراني عن ابن عمر وحسنه الترمذي. 6096 - (قد تركتكم على البيضاء) وفي رواية عن المحجة البيضاء وهي جادة الطريق مفعلة من الحج القصد والميم زائدة (ليلها [ص 507] كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً) فيه من معجزاته الإخبار بما سيكون بعده من كثرة الاختلاف وغلبة المنكر وقد كان عالماً به جملة وتفصيلاً لما صح أنه كشف له عما يكون إلى أن يدخل أهل الجنة والنار منازلهم ولم يكن يظهره لأحد بل كان ينذر منه إجمالاً ثم يلقي بعض التفصيل إلى بعض الآحاد (فعليكم) الزموا التمسك (بما عرفتم من سنتي) أي طريقتي وسيرتي القديمة بما أصلته لكم من الأحكام الاعتقادية والعملية الواجبة والمندوبة وتفسير السنة بما طلب طلباً غير لازم اصطلاح حادث قصد به تمييزها عن الفرض (وسنة) أي طريقة (الخلفاء الراشدين المهديين) والمراد بالخلفاء الأربعة والحسن رضي اللّه عنهم فإن ما عرف عن هؤلاء أو بعضهم أولى بالإتباع من بقية الصحب وهذا بالنظر لتلك الأزمنة وما قاربها أما اليوم فلا يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة في قضاء ولا إفتاء لا لنقص في مقام أحد من الصحب ولا لتفضيل أحد الأربعة على أولئك بل لعدم تدوين مذاهب الأولين وضبطها وإجماع شروطها (عضوا عليها بالنواجذ) أي عضوا عليها بجميع الفم كناية عن شدة التمسك ولزوم الإتباع لهم والنواجذ الأضراس والضواحك والأنياب أو غيرها (وعليكم بالطاعة) أي الزموها (وإن كان) الأمير عليكم من جهة الإمام (عبداً حبشياً) فاسمعوا له وأطيعوا (فإنما المؤمن كالجمل الأنف) أي المأنوف وهو الذي عقر أنفه فلم يمتنع على قائده والقياس مأنوف لأنه مفعول به فجاء هذا شاذاً (حيثما قيد انقاد). - (حم ه ك عن عرباض) بن سارية قال: وعظنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقلنا إن هذه لموعظة مودع فما تعهد إلينا فذكره وقضية تصرف المصنف أن ابن ماجه تفرد بإخراجه من بين الستة وهو ذهول فقد رواه أبو داود. 6097 - (قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم) في رواية من بني إسرائيل (أناس محدثون) قال القرطبي: الرواية بفتح الدال اسم مفعول جمع محدث بالفتح أي ملهم أو صادق الظن وهو من ألقى في نفسه شيء على وجه الإلهام والمكاشفة من الملأ الأعلى أو من يجري الصواب على لسانه بلا قصد أو تكلمه الملائكة بلا نبوّة أو من إذا رأى رأياً أو ظنّ ظناً أصاب كأنه حدث به وألقى في روعه من عالم الملكوت فيظهر على نحو ما وقع له وهذه كرامة يكرم اللّه بها من شاء من صالح عباده وهذه منزلة جليلة من منازل الأولياء (فإن يكن من أمتي منهم أحد) هذا شأنه وفي رواية بدله وإن يك في أمتي من أحد (فإنه عمر بن الخطاب) كأنه جعله في انقطاع قرينه في ذلك كأنه نبيّ فلذلك أتى بلفظ إن بصورة الترديد قال القاضي: ونظير هذا التعليق في الدلالة على التأكيد والاختصاص قولك إن كان لي صديق فهو زيد فإن قائله لا يريد به الشك في صداقته بل المبالغة في أن الصداقة مختصة به لا تتخطاه إلى غيره وقال القرطبي: قوله فإن يكن دليل على قلة وقوعه وندرته وعلى أنه ليس المراد بالمحدثين المصيبون فيما يظنون لأنه كثير في العلماء بل وفي العوام من يقوى حدسه فتصح إصابته فترتفع خصوصية الخبر وخصوصية عمر ومعنى الخبر قد تحقق ووجد في عمر قطعاً وإن كان النبي صلى اللّه عليه وسلم لم يجزم بالوقوع وقد دلّ على وقوعه لعمر أشياء كثيرة كقصة الجبل يا سارية الجبل وغيره وأصح ما يدلّ على ذلك شهادة النبي صلى اللّه عليه وسلم له بذلك حيث قال: إن اللّه جعل الحق على لسان عمر وقلبه وليس لك أن تقول [ص 508] هذا كالصريح في تفضيل الفاروق على الصديق لأنا نمنعه بأن الصديق لا يتلقى عن قلبه بل عن مشكاة النبوة وهي معصومة والمحدث تارة يتلقى عنها وتارة عن قلبه وهو غير معصوم ولهذا كان عمر يزن الوارد بميزان الشرع فإن وافق وإلا لم يلتفت إليه قال ابن حجر: وقد كثر هؤلاء المحدثون بعد العصر الأول وحكمته زيادة شرف هذه الأمة بوجود أمثالهم فيها ومضاهاة بني إسرائيل في كثرة الأنبياء فلما فات هذه الأمة المحمدية كثرة الأنبياء لكون نبيهم خاتم الأنبياء عوضوا تكثير الملهمين ومما تقدم عرف أنه ليس لأحد من الأولياء العمل بالوارد حتى يزنه بالميزان فإن وافق انتفع به هو ومن كاشفه به ممن يعتقد صدقة وزادهم إيماناً. تنبيه: قال الغزالي: قال بعض العارفين سألت بعض الأبدال عن مسألة من مشاهد النفس فالتفت إلى شماله وقال ما تقول رحمك اللّه ثم إلى يمينه كذلك ثم أطرق إلى صدره فقال ما تقول ثم أجاب فسألته عن التفاته فقال لم يكن عندي علم فسألت الملكين فكل قال لا أدري فسألت قلبي فحدثني بما أجبت فإذا هو أعلم منهما قال الغزالي: وكأن هذا معنى الحديث. - (حم خ عن أبي هريرة حم م ت ن عن عائشة). 6098 - (قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان وجعل قلبه سليماً) من الأمراض كحقد وحسد وغيرهما (ولسانه صادقاً) فيما يتكلم به فلا يقول إلا حقاً (ونفسه مطمئنة) أي راضية بالأقضية الإلهية (وخليقته) أي طريقته (مستقيمة وأذنه مستمعة وعينه ناظرة) خص السمع والبصر لأن الآيات الدالة على وحدانية اللّه إما سمعية فالأذن هي التي تجعل القلب وعاء لها أو نظرية والعين هي التي تقرّها في القلب وتجعله وعاء لها وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أحمد فأما الأذن فقمع والعين مقرة لما يوعى القلب وقد أفلح من جعل قلبه واعياً اهـ. - (حم) وكذا ابن لال والبيهقي (عن أبي ذر) قال الهيثمي: إسناده حسن وقال المنذري: في إسناد أحمد احتمال للتحسين. 6099 - (قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً) أي ما يكف عن الحاجات، ويدفع الضرورات والفاقات، ولا يلحقه بأهل الترفهات. قال القاضي: الفلاح الفوز بالبغية (وقنعه اللّه بما آتاه) بمد الهمزة أي جعله قانعاً بما أعطاه إياه ولم يطلب الزياد لمعرفته أن رزقه مقسوم لن يعدو ما قدر له والفلاح الفوز بالبغية في الدارين والحديث قد جمع بينهما والمراد بالرزق الحلال منه فإن المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم مدح المرزوق وأثبت له الفلاح وذكر الأمرين وقيد الثاني بقنع أي رزق كفافاً وقنعه اللّه بالكفاف فلم يطلب الزيادة وأطلق الأوّل ليشمل جميع ما يتناوله الإسلام ذكره الطيبي وصاحب هذه الحالة معدود من الفقراء لأنه لا يترفه في طيبات الدنيا بل يجاهد نفسه في الصبر على القدر الزائد على الكفاف فلم يفته من حال الفقراء إلا السلامة من قهر الرجال وذل المسألة. - (حم م ت ه عن ابن عمرو) بن العاص، وتبع في العزو لما ذكر عبد الحق. قال في المنار: وهذا لم يذكره مسلم وإنما هو من عند الترمذي، لم يقل بما آتاه وقال فيه: حسن صحيح. 6100 - (قد أفلح من رزق لباً) أي عقلاً خالياً من الشوائب سمي به لأنه خالص ما في الإنسان من قواه كاللباب من الشيء وقيل هو ما زكى من العقل وكل لب عقل ولا عكس وإنما أفلح من رزقه لأن العقل يدرك به المعاني ويمنع عن القبائح وهو نور اللّه في القلب وأي فلاح أعظم من امتلاء القلب بنور اليقين قال الكشاف: والفلاح الظفر بالمراد وقيل البقاء في الخير وأفلح دخل في الفلاح كأبشر دخل في البشارة. - (هب عن قرة) بضم القاف وشد الراء (بن هبيرة) بن عامر القشيري من وجوه الوفود قدم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فذكر قصة فلما أدبر قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد أفلح إلخ، وفيه سعيد بن نشيط مجهول ذكره الذهبي في الضعفاء وقال: مجهول. [ص 509] 6101 - (قد كنت أكره لكم أن تقولوا ما شاء اللّه وشاء محمد) لما فيه من إيهام التشريك (ولكن قولوا ما شاء اللّه ثم شاء محمد) وهذا نهي تنزيه رعاية للأدب ودفعاً لذلك التوهم وإنما أتى بثم لكمال البعد مرتبة وزماناً. قال الخطابي: أرشدهم إلى رعاية الأدب في التقديم واختار لهم من بين طرق التقديم ثم المفيدة للترتيب والمهلة والفاصلة الزمانية ليفيد أن مشيئة غير اللّه مؤخرة بمراتب وأزمنة قال ابن القيم: وفي معناه الشرك المنهي عنه كقول من لا يتوقى الشرك أنا باللّه وبك، في حسب اللّه وحسبك، وما لي إلا اللّه وأنت، متكلي على اللّه وعليك، وواللّه وحياتك، ونحوه من الألفاظ الشنيعة. - (الحكيم) في النوادر (ن والضياء) في المختارة (عن حذيفة) بن اليمان. 6102 - (قد رحمها اللّه برحمتها ابنيها) جاءت امرأة إليه صلى اللّه عليه وسلم ومعها ابنان لها فأعطاها ثلاث تمرات فأعطت كل واحد تمرة فأكلاها ثم جعلا ينظران إلى أمهما فشقت تمرتها بينهما فذكره. - (طب عن الحسن) البصري (مرسلاً) وهذا وهم أوقعه فيه أنه ظنّ أنه الحسن البصري وليس كذلك، بل هو الحسن بن علي وليس بمرسل كما هو مبين في المعجم الكبير والصغير وجرى عليه الهيثمي وغيره، ثم قال الهيثمي: وفيه خديج بن معاوية الجعفي وهو ضعيف اهـ. وقد رمز المصنف لحسنه فوقع في وهم على وهم. 6103 - (قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة) أي عن حضورها ولا يسقط عنه الظهر (وإنا مجمعون إن شاء اللّه) قاله في يوم جمعة وافقت عيداً فإذا وافق يوم الجمعة يوم عيد وحضر من تلزمه من أهل القرى فصلوا العيد سقطت عنهم الجمعة عند الشافعي كالجمهور ولم يسقطها أبو حنيفة. - (د ه ك) في الجمعة وقال: صحيح غريب (عن أبي هريرة) قال ابن حجر: وفي إسناده بقية وصحح أحمد والدارقطني إرساله (ه عن ابن عباس وعن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن حجر: ورواية ابن ماجه عن ابن عباس بدل أبي هريرة وهم نبه هو عليه وتخريجه له من حديث ابن عمر سنده ضعيف اهـ. 6104 - (قد عفوت) يشعر بسبق ذنب من إمساك المال عن الإنفاق (عن الخيل والرقيق) أي لم أوجب زكاتها عليكم ولم ألزمكم بها (فهاتوا) مؤذن بالتحقيق يعني الأصل فيما يملكه الإنسان من الأموال أن تزكى فقد عفوت عن الأكثر فهاتوا هذا النزر القليل وذكر الخيل والرقيق ليس للاختصاص بل للاستيعاب كقوله - (حم د) في الزكاة من حديث عاصم بن حمزة (عن عليّ) يرفعه وعاصم متكلم فيه لكن ذكر ابن حجر أن الترمذي نقل عن البخاري تصحيحه. 6105 - (قدر اللّه المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض) أي أجرى القلم على اللوح وأثبت فيه مقادير الخلائق ما كان وما يكون وما هو كائن إلى الأبد (بخمسين ألف سنة) أراد طول الأمد وتمادي الزمن بين التقدير والخلق فإن قيل كيف يحمل على الزمن وهو مقدار حركة الفلك الذي لم يخلق حينئذ؟ أجيب بأن مقدار حركة الفلك الأعظم أي العرش موجودة حينئذ بدليل قوله في رواية - (حم ت عن ابن عمرو) ابن العاص رمز المصنف لحسنه وهو في مسلم بدون وكان إلخ. [ص 511] 6106 - (قدمت المدينة ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية) هما يوم النيروز والمهرجان (وإن اللّه تعالى قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم النحر) قال الطيبي: وهذا نهي عن اللعب والسرور فيهما وفيه نهاية من اللطف وأمر بالعبادة وأن السرور الحقيقي فيهما - (هق عن أنس) رمز المصنف لحسنه وفيه محمد بن عبد اللّه الأنصاري أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أبو داود تغير شديداً. 6107 - (قدمتم خير مقدم وقدمتم من الجهاد الأصغر) وهو جهاد العدو المباين (إلى الجهاد الأكبر) وهو جهاد العدو المخالط قالوا وما الجهاد الأكبر قال (مجاهدة العبد هواه) فهي أعظم الجهاد وأكبره لأن قتال الكفار فرض كفاية وجهاد النفس فرض عين على كل مكلف في كل وقت - (خط) في ترجمة واصل الصوفي كذا الديلمي (عن جابر) ورواه عنه البيهقي أيضاً في كتاب الزهد وهو مجلد لطيف وقال: إسناده ضعيف وتبعه العراقي. 6108 - (قدموا قريشاً ولا تقدموها) بفتح التاء والقاف والتشديد بضبط المصنف أصله تتقدموها وحذفت تاء التفعيل [ص 512] لا تاء المضارعة أي ولا تتقدموا عليها في أمر شرع تقديمها فيه كالإمامة (وتعلموا منها ولا تعالموها) بفتح المثناة مفاعلة من العلم أي لا تغالبوها بالعلم ولا تفاخروها فيه فإنهم المخصوصون بالأخلاق الفاضلة والأعمال الكاملة وكانوا قبل الإسلام طبيعتهم قابلة للفضائل والفواضل والخيور الهوامل لكنها معطلة عن فعله ليس عندهم علم منزل من السماء ولا شريعة موروثة عن نبيّ ولا هم مشتغلون بالعلوم العقلية المحضة من نحو حساب وطب إنما علمهم ما سمحت به قرائحهم من نحو شعر وبلاغة وفصاحة وخطب فلما بعث اللّه محمداً صلى اللّه عليه وسلم بالهدى أخذوه بعد المجاهدة الشديدة والمعالجة على نقلهم عن عادتهم الجاهلية وظلماتهم الكفرية بتلك الفطرة الجيدة السنية والقريحة السوية المرضية فاجتمع لهم الكمال بالقوة المخلوقة فيهم والكمال المنزل إليهم كأرض جيدة في نفسها لكنها معطلة عن الحرث أو ينبت بها شوك فصارت مأوى الخنازير والسباع فإذا طهرت عن المؤذي وزرع فيها أفضل الحبوب والثمار أنبتت من الحرث ما لا يوصف مثله. - (الشافعي) في المسند (والبيهقي في) كتاب (المعرفة) كلاهما (عن ابن شهاب) الزهري (بلاغاً) أي أنه قال بلغنا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذلك (عد عن أبي هريرة) وظاهر صنيع المصنف أن الشافعي لم يخرجه إلا بلاغاً فقط وليس كذلك فقد أفاد الشريف السمهودي في الجواهر وغيره أن الشافعي في مسنده وأحمد في المناقب خرجاه من حديث عبد اللّه بن حنطب قال: خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم الجمعة فقال أيها الناس قدموا قريشاً ولا تقدموها وتعلموا منها ولا تعلموها انتهى. وقال الحافظ ابن حجر: خرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح لكنه مرسل وله شواهد. 6109 - (قدموا قريشاً ولا تقدموها وتعلموا من قريش) العلم الشرعي وآلته (ولا تعلموها) بضم المثناة وفتح العين وشدّ اللام بضبطه لأن التعليم إنما يكون من الأعلى إلى الأدنى ومن الأعلم لغيره فنهاهم أن يجعلوهم في مقام التعليم ومقام المغالبة بالعلم (ولولا أن تبطر قريش) أي تطغى في النعمة وتكفرها (لأخبرتها ما لخيارها عند اللّه) من المنازل العالية والمثوبات العظيمة يعني أنها إذا علمت ما لها عند اللّه من الثواب العظيم والنعيم المقيم المعد لها ربما بطرت وتركت العمل اتكالاً على ما لها عنده من حسن الجزاء فلذلك لا أعلمها به. - (طب) من حديث أبي معشر عن المقبري (عن عبد اللّه بن السائب) وأبو معشر قالوا: ضعيف ورواه أبو نعيم والديلمي عن أنس. 6110 - (قدموا قريشاً) تصغير قرش وهي دابة في البحر لا تمر بشيء غث وسمين إلا أكلته أخرجه البيهقي عن ابن عباس وقد أكثر ابن دحية من حكاية الخلاف في تسمية قريش قريشاً ومن أول من تسمى به؟ ولا تقدموها (ولولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها) أي لخيارها كما بينه الخبر الذي قبله (عند اللّه) من الخير والأجر وهذا وما قبله دليل على علو منزلتها وارتفاع قدرها عنده وأن المعد لها شيء عظيم لا يمكن الإنسان مع معرفته به أن لا يطغى وإضافة البطر إليها ليس غضباً عليها ولا حطاً لقدرها لأنه جبلي ركب في الإنسان وطبعت فطرته عليه فلا يكاد يخلو منه وإن وجد من يقهر نفسه ويكف هواه فإليه المنتهى وقليل ما هم.
|